رضا والدتها أم ثمرة عمل الخير، أم دعاءٌ بظهر الغيب من مؤمنٍ ساعدتهُ يوماً ؟!
لا تعلم نرجس صالح الدشيشي سبباً محدداً للبركة الإلهية التي حولت محنتها لمنحة أضاءت قلبها، وجعلتها أقوى بكثير مما كانت عليه، قبل أن تلتهم النيران منزلها في القديح.
وبحسب الدشيشي فإن المنزل الصغير برغم ضيق المكان لم يكن مأوىً وسكناً لها ولعائلتها فقط، بل كان مقراً لعملها ومصدر رزقها، حيث بدأت بصنع أطباق متنوعة من المأكولات وبيعها.
الشغف دافعاً
استرجعت الدشيشي بداية انطلاقها في العمل، حينما كانت تسبقها الحماسة والشغف بفن الطبخ الذي أبدعت فيه، وكان دافعاً لإصرارها على تحويل دفة حياتها نحو النجاح في أن تكون إحدى الأسر المنتجة في محافظة القطيف، حيث خلقت من هوايتها مشروعاً يقيها الحاجة، متعففةً عما في أيدي الناس، محتضنةً أخوتها ووالدتها المريضة- التي توفيت لاحقاً رحمها الله- مستمدةً من دعوات والدتها قوةٌ دافعةٌ للاستمرار والنجاح الذي كان حليفها بشكلٍ انبهرت به نفسها وطابت به.
وبين الشكر لله والرغبة في المضي قدماً كان العزم أقوى للتطوير في العمل
فتلقت الدشيشي عدداً من الدورات في فنون الطبخ، مما جعلها تضيف لأطباق معكرونة الباشميل وورق العنب وأنواع الكعك التي بدأت بها، أطباقاً شعبيةً جديدة تعلمتها، وأبدعت في صنعها مثل، (الأرز، المحاشي، المعجنات والحلويات) .
وقالت: "ما انقضت السنة حتى ازدهر المشروع الصغير باسم "مطبخ أم البنين"، حتى صنعتُ - بتوفيقٍ من الله- اسماً لي في سوق العمل الحر، خاصةً في صنع الحلوى البحرينية التي تصدرت كل الأطباق في إقبال الناس عليها لطلبها".
واستأنفت قائلة: أن شعورها بالامتنان لله الذي وفقها لما هي عليه؛ كان سبباً في تقديمها يد العون لمن هم بحاجة من زبائنها، فمن لم يستطع سداد بقية مبلغ طلبه أعفته منه، ومن تجدها بحاجة لتعلم طريقة عمل طبق ما، لم تبخل عليها بتعليمها مقاديره، وتوجيهها لأفضل طريقةٍ في صنعه.
استمرار الحال من المحال
يبدو أن الحظ لم يكن دائماً من نصيب الدشيشي التي أبانت أن السعادة التي حلقت بها في سماء العمل تحولت رماداً بعد أن أحرقت قلبها قبل منزلها ناراً التهمت جُلّ مافيه، وذلك حين اشتعلت النار في إحدى الليالي في غفلة منهم وهم نيام، حيث لم تتمكن حينها إلا إنقاذ نفسها وعائلتها.
الكفاح حلا
وأردفت: "بقيت 9 أشهر عاطلةٌ عن العمل أكافح لاستعادة ماخسرته في النيران، عن طريق تقديم دورات في فنون الطبخ، حتى انبثق نور الأمل من جديد بعد أن وجدت إعلاناً حول تقديم قروض "برنامج ثمار" التابع لجمعية العطاء النسائية بالقطيف، الذي يهدف إلى مساندة الأسر المنتجة ومشاريعها الصغيرة، إذ يصل مبلغ القرض إلى 50 ألف ريال، على أن يتم سداده بأقساطٍ شهريةٍ ميسرة وبلا فوائد".
العطاء تعيد بناء الحلم على أرض الواقع
ذكرت الدشيشي تفاصيل قدومها لجمعية العطاء واستقبالهم لها بالترحاب، ومدى الاهتمام الذي حظيت به منهم بعد أن أخبرتهم قصتها، لتبادر العطاء فوراً بمساعدتها حتى حصلت على قرض ثمار الذي أعاد تأهيل مشروعها من جديد، لتقف شامخةً وتستكمل ما بدأته متسلحةً ببركة دعاء والدتها، فهي على ثقةٍ أن روحها ما تزال ترفرف بحنوٍ دائمٍ عليها.
ونوهت: "لم يقف دعم العطاء عند حد المساعدة في الحصول على قرض ثمار فحسب، بل كانت لهم مبادرات تأهيليةٌ أخرى من خلال ورش عمل ودوراتٍ قدمتها المشرف العام على برنامج ثمار والمدير التنفيذي للجمعية الأستاذة زينب آل ماجد، استهدفت فيها المتقدمين بطلب القرض، وحتى الحاصلين عليه بقصد التمكين للارتقاء بالعمل، والأداء بجودة أكبر، شاكرةً لهم هذا الدعم الكبير والاهتمام بالتفاصيل في سبيل الخدمة المجتمعية".
وعن طموحها قالت: "أسعى أن أكون أول قطيفية تفتح معملاً للحلوى".